محرر الشؤون السياسية
سقطت كثير من الافتراضات حول السلوك المتوقع لوباء الكورونا، ومع التغيرات المفاجئة وظهور سلالات جديدة والاختلاف الكبير بين الدول من ناحية التركيبة السكانية والأمراض السائدة لم يعد ممكناً القول بوجود بروتوكولات أو خطط مضمونة أو فعالة في الحد الأدنى، وتسعى مختلف دول العالم إلى التعامل بكثير من المرونة مع المستجدات التي قد تتغير بين يوم وآخر، فدول تعلق المدارس وتتوجه أخرى لإعادة الطلبة لصفوفهم في وقت متزامن تقريباً، ودول طبقت الحظر الكلي لفترة ثم عادت للانفتاح وتراجعت للحظر حتى أنه لا يمكن الوقوف على توقعات ولو?تقريبية بالوضع خلال الأسابيع القادمة، وتظهر الأرقام التي تستعرضها المواقع المختصة شبيهة بمؤشرات بورصة مجنونة لا يمكن الاستثمار فيها.
أمام هذا المشهد القاتم، وأمام عالم لم يعد بإمكانه أن يبقى في حالة إغلاق كاملة لفترة أطول أمام واقع التجارة العالمية والاعتماد المتبادل بين الدول وبعضها، فإن الخيارات تحتاج إلى كثير من النقاش والدراسة وصولاً إلى القرار الذي يمثل أعلى نقطة عائد ممكنة في حسابات معقدة للمخاطر، وهذه نقطة تعالج بكثير من الشفافية في الأردن حيث أصبحت لجنة الأوبئة وشخصيات طبية أخرى تخرج لتلقي بتوصياتها أمام الرأي العام قبل أن تضعها أمام الحكومة الأمر الذي يتسبب بإرباك واسع بين المواطنين ويشكل ضغطاً غير ضروري على الحكومة.
صاحب القرار الحكومي يمتلك رؤية مفتوحة وواسعة وتتقاطع مع مصالح الجميع وتستوعب آراءهم.
وفي النهاية تستمع الحكومة للجميع وتتلقى النقد منهم، وتتخذ قرارها بما يعبر عن مصلحة الهيئة المجتمعية بالكامل، أي المحصلة التي تجنب المجتمع التكلفة الأعلى.
تتزامن الذروة الوبائية الجديدة مع بضغوطات على بنية القطاع الصحي، ومع أن الأرقام ما زالت مقبولة والقدرة الاستيعابية مطمئنة، إلا أن العمل على خفض معدلات الإصابة مسألة ضرورية في هذه المرحلة لتجنب الاقتراب من نقطة حرجة في الطاقة الاستيعابية تلتهم جميع الجهود المضنية التي بذلت من أجل رفعها إلى مستواها الحالي من خلال المستشفيات الميدانية وتعزيز المرافق الطبية بالأجهزة اللازمة، والحكومة مطالبة بأن تفكر في الأزمة من منظور يتجاوز الفئوية ويمتد لفترة زمنية أبعد من التقديرات الفردية، وأمام معلومات معقدة بخصوص الموارد?والخيارات تتخذ الحكومة القرار الأنسب، وللأسف لا يمكن لأي جهة أن تخرج بتقييم منصف أو واقعي ببساطة لأن النتائج الأسوأ ليست معروفة وغير قابلة للقياس أيضاً.
تتطلب المرحلة أعلى درجات التفهم والتعاون وحلولاً مختلفة، ولذلك تستمع الحكومة لمختلف الأطراف، وتتفهم حججهم وتستوعب مخاوفهم، ولكن الخيار النهائي يجب أن يكون محلاً للإجماع والالتزام لأنه خيار وطن ودولة ومجتمع من أجل تحقيق المصلحة العامة التي تعني أفضل مصلحة للجميع وإن كانت يمكن أن ألا تكون الأفضل لطرف معين أو فئة ما.